الرابط القصير: https://goo.gl/mSsiGa
تنويه: قبل عرض المادة يجب التنويه إلى أن الإدارة الأمريكية استفتحت منذ عرض الإستسلام على الثوار (نظام الهدنة الذي سنه ضابط المخابرات السعودي عبد الله المحيسني) حملة تستهدف المرور إلى الفصائل الأصيلة التي تحمي إسلامية الثورة وتأبى الإستخذاء للكافر الحربي من خلال وقف القتال والجلوس مع الغازي والمجرم. وكان أول ما قامت به هو نشر مجموعة جديدة مما ادعت أنها وثائق وجدتها مع بن لادن (5). والمتابع يلاحظ أن الإدارة الأمريكية تنشر حسب إستراتيجية مدروسة ما يخدم مصالحها من هذه الوثائق في الأوقات المناسبة. فكما نشرت من قبل ما ادعت أنها مكتبة بن لادن الشخصية وفيها تقريباً جميع عناوين ثقافة حزب التحرير بهدف ربط حزب التحرير بالعمل المسلح (8)، تقوم اليوم بنشر وثائق تثبت أن بن لادن دعا إلى دعم تنظيم داعش وفي ذلك الوقت كان “دولة العراق الإسلامية” ولكن تقرير الوثائق المسربة يسميها بإسمها اليوم … بما يؤكد أن الهدف هو التجنيد لصالح داعش ومحاولة إيجاد أو تقوية الإستقطاب داخل القاعدة وتقوية الخلافات بين افرادها وجماعاتها… لأنها الهدف القادم !
كما أن تقارير تلفزية وأخرى مكتوبة خرجت متزامنة … تؤكد أن داعش في اندحار متواصل وأن جبهة النصرة هي وجهة الثوار الذين خابت آمالهم في فصائل تلهث وراء الهدنة أو الإستسلام إلى العدو، وبأن جبهة النصرة تلاقي قبولاً لدى حاضنتها وبأن لها علاقات وطيدة مع فصائل وجماعات تعد معتدلة (4) … وبطبيعة الحال هذا الكلام على جبهة النصرة يمكن أن يقال بنفس التعابير حول جماعات أخرى … ولكن تقصدها بالتسمية مقصود وفيه خبث مخابراتي كبير. فالشرخ الذي يراد الضرب عليه اليوم لدق الاسفين الثاني (بعد إجرام داعش) هو منهج الخراب الوهابي من خلال تعميمه على أي جماعة تتبنى إسلامية الثورة وتسعى في إقامة الإسلام في الحياة، وذلك بهدف عزلها عن أهل الشام ليلفظوها ويحاربوها!!!
اليوم عندما يتحدثون عن جبهة النصرة بهدف ضربها، مباشرة يخرجون ما يكتب المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني … وهو طبعاً خراب في خراب، والمقال أسفل شاهد بسيط عليه، وبعد أن تقرأوه، سوف تستغربون كيف يمكن لكاتبه الإدعاء بأنه ضد إجرام داعش وهي تطبق مقالته بحذافيرها ؟!!! ثم كيف يكون ضد اجرام داعش وهو أحد أتباع إمام الإجرام محمد بن عبد الوهاب … الذي لا يعد ما يصنعه جراؤه في داعش قطرة في محيط اجرامه ؟!!
فما نريد أن ننوه عليه بشدة هو أن جبهة النصرة والقاعدة عموماً يعتملها تياران:
1-التاريخي السلفي الوهابي الذي شكلته المخابرات الأمريكية مع سيوخ آل سعود الوهابية منذ سنة 1978 (سنة الثورة الأمريكية في إيران)، من خلال النفير المخابراتي لأفغانستان من أجل استفزاز الإتحاد السوفييتي واستدراجه إلى مقبرة الإمبراطوريات أفغانستان … وحصل التدخل فعلاً بعد 6 أشهر من بداية النفير المخابراتي الأمريكي السعودي، التدخل السوفييتي وإنتهى بإنهيار الإتحاد السوفييتي. وتمثل داعش التجلية الأمريكية للنواة الوهابية من الجهادية من أجل إعادة توجيهها إلى تحقيق المصالح الأمريكية وذلك بعد أن اختلطت الجهادية العالمية (النصرة) بأهل الشام وبدأت بعملية مراجعة وإصلاح ومنه الإعتراف بسلطان الأمة.
2- التيار الإصلاحي الذي بدأ بالإبتعاد عن النواة الفكرية السلفية الوهابية والتي جوهرها فكرة دينية الدولة وإشتراط التغلب على الأمة وقهرها بحد السيف كشرط في الإمارة العامة … وبدأ منذ عهد بن لادن ثم الظواهري!
ولكن جبهة النصرة تعرضت في نفس يوم إبادة كوكبة قادة احرار الشام إلى تصفية عناصر شامية غير متشبعة بالفكر الوهابي وتمثل خطراً على نهج الخراب الوهابي من خلال مراجعاتها التي أفضت بهم إلى الإستغفار لله والتوبة منه والإعتذار بمرارة من الشعب السوري على فكر خراب وسموها بالإسم: “السلفية الجهادية” !
ثم إن تنويهنا الأشد هو أن المعرفات والحسابات التي تعمل في الأجندة الأمريكية تقوم بكثافة الأيام والساعات الأخيرة، من أجل ضرب إسلامية الثورة وإبتداءً جبهة النصرة والقاعدة، بسحب كتابات أبو قتادة الفسلطيني وأبو محمد المقدسي على جبهة النصرة وأي مجاهد مسلم بدون أدنى تمييز راجعوا هاشتاغ #إدارة_التوحش !!! بطبيعة الحال كتابات جنرالات السلفية الوهابية تكفر المسلمين وتستحل دمائهم … وهذا كتبنا فيه كثيراً على المدونة بل وكتاباتهم هي سبب الخراب، وإلا فلم هم جنرالات؟! بل وفعلاً هو تنظير للتوحش … والأدهى أنه توحش ضد المسلمين ويعلمون أنه ضدهم وتعالي عليهم واستحلال إغتصاب سلطانهم وحكمهم بالحديد والنار، وكأنهم أصحاب حق إلهي فعلاً ككنيسة أوروبا في القرون الوسطى…
وهذا مثال، وأدعوكم بإصرار أن تطالعوه بإهتمام حتى تعلموا ماذا يصنع جنرالات المخابرات مثل أبو قتادة والمقدسي بعقول ودين ابنائنا :
“بين منهجين “66” الكاتب : أبو قتادة الفلسطيني
في غزوة الأحزاب تغيّرت موازين القوى في الجزيرة العربيّة، لأنّ روح الجهاد وحركة الجهاد تُعيد ترتيب الأوضاع حسب مفهومٍ إيمانيّ، فإذا سَرَت روحُ الجهاد وحركته، في قومٍ أذلاّء محتقرين، فبالجهاد تنقلب الذّلة إلى عزّة، والاحتقار إلى احترام وتقدير، ولا يمكن وجود أمّة من الأمم فيها النّجاح والعزّة إلاّ وروح الجهاد تسري في جميع أوصالها.
والآن كيف غيّرت غزوة الأحزاب موازين القوى في الجزيرة العربيّة؟.
ابتداءً علينا أن نعلم أنّ النّصر الكبير الضّخم هو مجموعة من سلسلة انتصارات صغيرة، ولا يمكن أن يقع شيء في مجال النّصر والهزيمة بصورة طفرةً مفاجئة تباغت المنتصر أو المهزوم، إذ الطّفرة التي لا مقدّمة لها لا وجود لها إلاّ في عقول مشايخنا وقادتنا فقط، فإنّهم يحملون في كلّ ما يقولون ويرتّبون لضربة يحضّر لها تحضيراً تامّاً وكاملاً، بعيداً عن أعين الخصوم وبهذه الضّربة المفاجئة المباغتة نقضي فيها على الخصوم، وبها نتجنّب الكثير من الدّماء التي تراق، والأرواح التي تزهق، ومشايخنا يدندنون على هذه الفكرة كثيراً، وعلى ضوئها يتراجعون عن الصّراع تحت شعارات التّربية والإعداد، وهذه الفكرة تجد صدىً وقبولاً في النّفوس، لأنّها جميلة جدّاً، ورائعة جداً، وورديّة جدّاً، وهي مع ذلك كلّه هشّة جداً جداً، أمّا أنّها جميلة وورديّة، فكيف لا تكون كذلك وهي تقدّم للإسلاميين النّصر والعزّة والسّؤدد على طبق من ورد؟ ثمّ كيف لا تكون ورديّة وهي من صنع أوهام الحالمين، والحلم عندما يختلط في ذهن المرء مع الحقيقة فإنّه لا يناقش مناقشة العقلاء، بله الأذكياء.
إنّنا نحلم بترتيب رفيعٍ جدّاً لشوكةِ التّمكين دون المرور بشوْكة النّكاية، وهي الشّوكة التي يقع فيها: {إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون}، ويقع فيها: {يقاتلون في سبيل الله فيَقتُلون ويقتَلون}، وهذا مع عدم إمكانيّة حدوثه فإنّه يفرز ولا شكّ فِقهاً أعوجاً، وأحكاماً فاسدة، وما هذا الفقه الذي نسمعه من مشايخنا من جواز التّعدّديّة السّياسيّة، وجواز التّداول على السّلطة، وعدم جواز الجهاد الهجومي، وجواز تولّي الكفّار المناصب السّياسيّة والعسكريّة والقضائيّة في الدّولة الإسلاميّة إلاّ بسبب هذا الحلم الفاسد الناشئ عن تُخمةٍ مردّها خلط الأفكار غير المتجانسة، وتفسير هذا: أنّ واقعنا بسبب عوامِل البناء الشّيطانيّ فيه قد امتلأت جوانبه بالشّرور، وأصابت الأمل الإسلامي بالإحباط، فحين يأتي الشّيخ ليعالج هذا الواقع بهذه التّركيبة بأحكام فقهيّة، فإنّ هذه المعالجة وعلى ضوء هذا الواقع ستجعله يتنازل عن كثير من (تشديدات السّلف كما يسمّيها)، إلى ميوعات الخلف (اعتدالهم كما يسميها)، وهذا لأنّه تمّ له التّمكين دون تحضير أرضية التّمكين بما يناسبها، وهذا التّحضير لا يقع إلاّ من خلال شوكة النّكاية، لأنّنا حين نصل إلى التّمكين مروراً بالنّكاية، نكون بفضل الله تعالى قد نظّفنا الطّريق من كلّ أوساخها وقاذوراتها، (ليس كلّ الأوساخ والقاذورات، بل رؤوسها إن شاء الله تعالى) بشوكة النّكاية المتكرّرة، يترقّى الحقّ في نفوسنا ويتجذّر، وتذهب زهومة الأفكار الفاسدة، ويتجذّر بُغضُنا للباطل وبُغضُ الباطل لنا، وبشوكة النّكاية نقطف الرّؤوس التي حان قطافها، فلسنا مستعدّين (بتاتاً) لنقاش سفسطائي تفوح منه رائحة الهوى والشّرك، ولسنا مستعدّين (أبداً) لحوار يبتسم خصومنا لنا فيه فنظنّ فيهم خيراً، فيدفعنا هذا الظّنّ إلى تقسيماتٍ ما أنزل الله بها من سلطان (كالتّفريق بين فهد بن عبد العزيز وصدّام حسين أو التّفريق بين السّلطة والمعارضة)، ولسنا مستعدّين (ونحن نمارس شوكة النّكاية) إلى التّحالفات الشّركيّة الباطلة.
خلال شوكة النكاية يتّخذ الله منّا شهداء، فترتفع أرصدة الجماعة المجاهدة في خانة الصّدق وحبّ الله، وحبّ الرّسول صلى الله عليه وسلم، والبراءة من المشركين.
خلال شوكة النّكاية نتعلّم كيف لا نخاف من الدّم، وكيف نُتقن الذّبح، وكيف نُتقِن اقتحام الحصون المنيعة.
من خلال شوكة النّكاية نتعلّم الصّبر على فقدان الأحباب، ونتربّى على بذل الأرواح في سبيل هذا الدّين.
ومن خلال شوكة النّكاية نتصفّى ونتربّى، ومن خلالها نجهّز لمن بقي منّا حقائبَ الدّخول على الوزارات!!، فإذا وصلنا إلى التّمكين من خلال شوكة النّكاية لن نضطرّ إلى إعلان الحرب على جيراننا، لأنّنا سنكون في حالة حربٍ حقيقيّةٍ لا قيمة فيها للإعلان.
إذا وصلنا إلى التّمكين من خلال شوكة النّكاية لن نكون مضطرّين إلى احترام آراء التّعدّديّة السّياسية ولا الأحزاب الأخرى لأنّه لا وجود لها، لقد واريناها التُّراب قبل قليل، أو رميناها في قليب بدر.
وإذا وصلنا إلى التّمكين من خلال شوكة النّكاية المتكرّرة لن يكون قائدنا جباناً ولا خائناً ولا عميلاً، لأنّ القائد الجبان والخائن والعميل هو الآتي لنا من الظّلام، لم نَخبُره ولم يَخبُرنا، أي أتانا من وراء مكتب وثيرٍ لا من رهج المعركة.
والوصول إلى التّمكين من خلال شوكة النّكاية المتكرّرة لن يجعل همَّنا إرضاءَ النّاس بتأمين السّكن والخبز والعمل لهم، ولسنا محتاجين إلى أخذ رضاهم فيمن يحكم أو بما يحكم؟، سيحكمهم أميرنا شاءوا أم أبَوا، وسنحكمهم بالإسلام ومن رفع رأسه قطعناها، لأنّ التّمكين وصل إلينا بفضل الله وحده، فليس لنا أن نهتمّ إلا برضاه وحده، نفعل ما يأمُر وإن غضب النّاس، وننتهي عمّا نهى، وإلهنا هو إلهنا وحبيبنا، نصرنا وحده من ضعف، وآوانا من عُرِيّ، وأطعمنا من فقر، أخذنا سلاحنا من يد عدوِّنا، لم نعقد الصّفقات مع الشّرق والغرب مقابل تنازلات مبدئية، ولم نصل إلى التّمكين بقرار في بيت أبيض أو أسود، بل بعبوديّتنا لله وحده، وببراءتنا من كلّ طواغيت الأرض.
والآن عودة إلى غزوة الأحزاب: لقد كانت قريش لها مكانة خاصّة في الجزيرة العربيّة، وكانت العربُ ترقب نتيجةَ الصّراع بين النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقريش، وذلك كما روى البخاريّ عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه أنّه قال: “وكانت العرب تلوم (أي تتحيّن وتتربّص) بإسلامهم الفتح (أي فتح مكّة)، فيقولون اتركوه وقومه فإن ظهر عليهم (أي انتصر) فهو نبيٌّ صادق”، بل إنّ بعض العرب جعل لإسلامه موعداً، كما قال ذو الجوشن الضّبابيّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما دعاه إلى الإسلام، فوقّت ذو جوشن موعداً لإسلامه وهو هزيمة قريش حيث قال: “إن تغلب على الكعبة وتقطنها” [انظر مجمع الزوائد 6/162]. وعلى هذا فلو رأينا معارك النّبيّ صلى الله عليه وسلم مع قريش لرأيناه سجالاً وذلك كما وصفها أبو سفيان قبل إسلامه لهرقل: “يغلبنا يوماً ونغلبه يوماً”، وقبل الأحزاب كانت بدر الكبرى التي سمّاها الله تعالى {يوم الفرقان}، بالرّغم أنّها لم تكن حرباً عالميّةً، وليست تعدل بحجمها العسكريّ الغزوات الإسلاميّةَ الكبرى كاليرموك والقادسيّة وغيرهما، وهي كذلك معركة لم تقض على قريش قضاء مبرماً، بل خرجت قريش بعدها بسنة لغزوة أحد، وتمّ لهم الغلبة العسكريّة في أحد، ولكن عظمة هذه الغزوة التي سمّاها الله فرقاناً وهي التي لم تحضّر لها قريش طويلاً، ولم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجلها، بل تمّت من غير ميعاد، لأنّ بها قد وضع حجر الأساس للفتح الأكبر، فهي لبنة من لبنات بناء النّصر، وهكذا فكلّ معركة تلتها كانت تصبّ في خانة الفتح الأكبر «فتح مكّة» وكان فتح مكّة لبنة ومحطّة للخروج من الجزيرة، وهكذا..، وبعد بدر كانت أحد، وما تمّ فيها من استشهاد سبعين صحابيّاً، وخسران الجماعة المسلمة بعض قياداتها، وهكذا توالى السجال، بئر معونة وما حصل فيها من البلاء الشّديد في السّنة الرّابعة للهجرة، حيث قُتل نفر من خيرة المدرّسين والمعلّمين والفقهاء رضي الله عنهم، فالحرب تأخذُ وتُعطي، نصرٌ وابتلاء، حتّى وصلت الذَّرْوة في هذا السّجال إلى غزوة الأحزاب، حيث قرّرت قريش أن تضرب ضربتها النّهائيّة، وتُنهي سلسلة الصّراع لصالحها.
ولو أردنا أن نوازن بين البلاء على قريش والبلاءِ على الصّحابة والمسلمين في مجموع الصّراع لظهر أنّ البلاء كان أشدّ وأعظمَ على المسلمين، إذ كانت قريش تتعامل مع محيطٍ في الجملة معها سوى بعضِ القبائل الكارهة لها كخزاعة، ولكنّ المدينة الطّيّبة محاصرة من اليهود ومن الأعراب ومن قريش، وفي الدّاخل من المنافقين، فالمعوّقات على الصّفّ المسلم وفي داخله كانت أشدّ وأعظم من وجوده في عسكر قريش.
هذا الصّراع بين قريش والنّبيّ صلى الله عليه وسلم كما قلنا كانت العرب ترقبه وتنتظر نتيجته، وقد كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يحاول جاهداً أن يحيّد قريش في صراعه مع الشّرك في الجزيرة العربيّة، لأنّها ليست بالكتلة الهيّنة، ولا المعادِلة له في الصّراع وظهر هذا في قوله كما روى البخاري: ((إنّ قريشاً نهكتهم الحرب وأضرّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم مُدّة ويخلّوا بيني وبين الناس، فإن أظهرُ فإن شاءوا أن يدخلوا في ما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جمّوا (أي استراحوا) وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنّهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذنّ الله أمره)) وهذا قاله عندما توجه إلى مكّة للعمرة ونزوله في الحديبية صلى الله عليه وسلم، ولكن يأبى الله تعالى إلا أن ينصر دينه وذلك بتصعيد الصّراع بين قريش وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت قريش تضع نفسها في كل مرة أمام مدّ الإسلام، فتَغلِب وتُغلَب، حتى جاءت غزوة الأحزاب وهي الوعد الإلهي المبشّر كما سمّاها الأصحاب الكرام رضي الله عنهم وحدَث ما حدَث من نزول الملائكة وإرسال الصَّبا.
بعد غزوة الأحزاب قال صلى الله عليه وسلم: ((الآن نغزوهم ولا يغزونا، نحن نسير إليهم))، بعدما انقلبت الموازين، وقد قدَّر صلى الله عليه وسلم بما آتاه الله من الهدى والرُّشد أنَّ قريشاً استجمعت كلّ قوّتها في غزوة الأحزاب، ولم يبْق في جعبتها سهماً إلا ورمته، ولا سيفاً إلا وضرَبَته، فلم يَبْق لها شيءٌ من القوى ما يمكن أن يجعلها تقوم بمعارك جديدة خارج أرضها لذلك قال صلى الله عليه وسلم قولته وهو سائر للعمرة كما تقدم: ((إن قريشاً نهكتهم الحرب وأضرّت بهم)) وقد رأينا بعد غزوة الأحزاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقم بغزو قريش، بل خرج إلى مكة معتمراً لا يريد حرباً، بل كما روى البخاري: ((إنا لم نجىء لقتالِ أحدٍ، ولكن جئنا معتمرين))، وسبب هذا الأمر هو أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يُحرجَ قريشاً أمام العرب، حتّى يُفقدها شرعيّتها في حماية البيت الحرام، وهذا أمر ضروري لأنه مقدِّمة ضروريَّة لإضعاف حلفِ قريش وتفتيته، ثمَّ لإعطاء المبرر لدى القبائل المنتظرة بأن قريشاً ليست بالذي يحقُّ له أن يكون حامياً للبيت، فإن العرب لم تكن لتتصور أن يُمنَع قومٌ – أي قومٍ – من القدوم إلى بيت الله الحرام، فكيف إذا كان القوم هم المسلمون، حيث أحرموا وساقوا الهدي، وبهذا سقطت هيبةُ قريشٍ الدِّينيّة، إذ أنها عَرِيَت أمام العرب بتصرّفها القَبيح، حيثُ مَنعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العمرة.
وبمرورنا السريع على هذا الصّراع – دراسة وبحثاً – يظهر لنا أنّ الصّراع كان خاضعاً للسّنن الإلهيّة، ولم يتجاوزها في أيّ مرحلة من المراحل، صراعٌ سننيّ لا طَفرة فيه ولا مفاجأة، ولا يوجد فيه تلك الخَبطات الحالِمة بالضّرب المفاجئ للخصم، حيث نصل إلى سيادة بلدٍ مهما صغر من خلال إعداد سرّيّ شديدٍ (ودرجة السرّية تصل إلى عدم العمل، لأنّ قمّة السّرية المطلقة تعني بكلّ جلاء أن لا تعمل)، وكأنّنا مع هذا النّوع من التّفكير نتعامل مع قومٍ من أهلِ القمر، يعِدّون أنفسهم هناك فوق مستوى مراقبةِ الأقمارِ الصّناعيّة وبعيداً عن ضربات الخصوم وهجماتهم!!!!.
معركتُنا مع المرتدّين هي معركةٌ قد فرغنا من أصولها الشّرعيّة، حيث تبيّن لنا بكلِّ وضوحٍ حُكْمَ الله تعالى في الحكّام وطوائفهم، وأمّا من بقي من النّاس يرتكس في جهله لعدم فهم التّوحيد، أو لعدم عِلمه بنواقضه، فلا نملك له إلاّ الدّعاء، أمّا من فهم حكم الله في هؤلاء أنّهم كفّار مرتدّون، وأنّه يجب قتالهم فقد خرج من دائرة الجهل إذا تمّ هذا، فعلى الجميع حينئذٍ أن يُريحنا من آرائه الرّائعة الورديّة، إنّ الدّور الآن بعد الفراغ من معرفةِ حُكم الله تعالى فيه أن نسمع لخبراء ومستشارين وقادة من نوع جديد، قطعاً ليسوا هم خرّيجي الجامعات الشّرعيّة، والذين دَفعَتهم علاماتهم الضّعيفة مكرهين لدراسة الشّريعة والفِقه، وقطعاً ليسوا هم المفكّرين الذين يريدون أن يُجبرونا أن نعترف أنّهم مجدّدون لعصرهم، مع أنّهم لا يملكون إلاّ الجهل والغباء، قَطْعاً ويقيناً ليسوا هؤلاء ممّن ابتُلينا بهم في العمل الإسلامي، إنّما هم أهل الخبرة والمعرفة في العسكريّة والقتال والحرب، والسّؤال الآن الذي علينا جميعاً أن نسمع جوابه لا أن نقوله وهو: ما هي الطّريقة العسكريّة القتاليّة المُثلى في إسقاط حاكم كالقذّافي أو حسني مبارك أو فهد بن عبد العزيز أو الملك حسين أو حافظ الأسد؟.
الرّجاء من أمثالِ سعيد حوّى (مات) والمفكِّر العبقريّ محمّد سرور زين العابدين والشّيخ عدنان عرعور والشّيخ الألباني و… و… الخ القائمة أن لا يشوّشوا علينا، وأن لا يتدخّلوا فيما لا يعنيهم..
وللحديث بقيّة إن شاء الله..” إنتهى مقال الجنرال عمر عثمان (المكنى أبو قتادة الفلسطيني) (1)
—
تحديث 2016/0310:ماذا وراء الكشف الأمريكي الأخير حول تفجيرات فنادق عمان في نوفمبر 2005؟ وتغريم إيران في أحداث 11 سبتبمر ؟!!!